السبت، 28 أبريل 2012

الثقة بالنفس - الجزء الرابع

السلام عليكم 

نكمل التقرير المفصل عن رفع و تطوير الثقة بالنفس ..    الجزء الرابع 

اتمنى لكم قراءة ممتعة 


الوسيلة الأولى: تقبل ذاتك:
إن أهم خطوة لتحقيق الثقة بالنفس هو قبولك لذاتك، بدون أي شروط مسبقة، ولكي تفعل ذلك فلابد أن تعرف نعم الله تعالى عليك التي لا تحصى، والتي منها:
1. أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي خلقه الله تعالى فكرمه {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠]، ثم أسجد له ملائكته {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر: ٢٩]، ثم طرد إبليس من الجنة ولعنه لما رفض السجود لهذا المخلوق الكريم {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [الحجر: ٣٤].
2. أن الله تعالى أعطاه حرية الاختيار {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: ٣]، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧ – ٨].
3. أن الله تعالى سخر له كل ما في الكون من نعم، وجعله سيدًا لها متصـرفًا فيها، {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩].
فهل بعد هذا التكريم تكريم، أبعد كل تلك القيمة العالية لهذه السلعة النفيسة التي هي النفس لا يحترمها الإنسان ولا يقدرها حق قدرها؟ فمن الآن عندما تنظر لنفسك انظر إلى ما وهبه الله تعالى لك من إمكانيات غير طبيعية.
للأسف الشديد بعض الناس الذين لا يقبلون ذاتهم، ويحاولون أن يتظاهروا بغير شخصياتهم يعتقدون بذلك أنهم سينجحون في إقناع الآخرين بمدى الثقة بالنفس التي يتمتعون بها، والحقيقة على غير ذلك تمامًا، إن ذلك معناه إعلان عدم الثقة بالنفس من أول لحظة؛ ولذا لا تحاول أبدًا أن ترفع سعرك أو تتظاهر بغير شخصيتك.
ولذا، فمن اليوم كن نفسك ولا تكن غيرك، تعامل مع الناس بشخصيتك لا بشخصية غيرك، وانظر إلى نفسك بصورة إيجابية، انظر إلى إمكانياتها وقدراتها، انظر إلى المواقف التي نجحت فيها، واجعلها دائمًا لك لتقوى ثقتك بنفسك أكثر.
الوسيلة الثانية: طوَّر نقاط قوتك، وتغلب على نقاط ضعفك:
قيل لأحد السلف: (لنا عندك حويجة)، فرفض وقال: (اطلبوا لها رجيلًا) [صيد الخاطر، ابن الجوزي، (1/248)] هكذا كان أسلافنا أمثلة رائعة ونماذج حية لتقدير الذات والتفكير بطريقة إيجابية.
الركن الأول: ركز على نقاط قوتك:
تأمل في قصة الملاكم العالمي محمد علي كلاي، فبعد أن جُرِد من لقبه العالمي نتيجة رفضه الخدمة العسكرية في حرب فيتنام، عانى هذا البطل من الديون المتكاثرة ورفضت كثير من الولايات الأمريكية أن تمنحه تصريحًا لمزاولة الملاكمة على أرضها، ولم يكن أمامه من بد للعودة إلى الملاكمة سوى أن يتحدى أحد عملاقة الملاكمة وقتها وهو جورج فورمان، وهو ملاكم يهاب الجميع لقاءه، فماذا حدث؟
(لقد كان محمد علي كلاي خائفًا جدًا من اللعب أمامه، ولكنه قبل التحدي، وكانت النتيجة الهزيمة الساحقة، فقد أصابه فورمان بإصابات عديدة منها 12 غرزة في وجهه، وكذلك إصابة في فكه وكسر في ذراعه، ليودع المستشفى في حالة سيئة جدًا، فنصحه الناس ألا يلعب مرة أخرى، ولكنه استطاع أن يلعب ثانية وليس هذا فقط بل قرر أن يلعب أمام جورج فورمان نفسه.
أخذ يشاهد الفيلم التسجيلي للمباراة التي لعبها مع فورمان كي يتعلم منها حتى استوعبها تمامًا وبعد أن خرج من المستشفى بدأ يتدرب بشكل مكثف ليلًا ونهارًا، ثم تحدى فورمان مرة أخرى، فرد عليه فورمان قائلًا: سوف تشتاقون للقاء هذا الرجل مرة أخرى، فهذه هي آخر مرة يمكنكم أن تروه فيها، فإنه لم يستوعب الدرس من المرة الأولى، فودعوه بشدة؛ لأنني سوف أخلصكم منه تمامًا) [أيقظ قدراتك واصنع المستقبل، د.إبراهيم الفقي، ص(40-41)].
فماذا يصنع محمد علي كلاي أمام هذا التحدي؟ فجورج فورمان أقوى منه بنيانًا وأطول قامة وأشد في ضرباته ويتمتع بجمهور كبير وتأييد جارف، وكل الظروف ضده.
(كانت هذه المباراة في أفريقيا، فسافر محمد علي قبل البطولة بشهر كامل إلى هناك، ولأنه شخصية جذابة فقد أحبه الناس جدًا، وكان ينزل إلى الشارع ويتدرب ويركض وسط الناس، حتى باتوا يهتفون باسمه ويشجعونه قائلين: محمد الفائز .. محمد الفائز.
ولما بدأت المباراة أراد محمد علي أن يقنع فورمان أن ضربته مهما بلغت من قوة فلن تؤثر فيه، في حين أن أي ملاكم آخر كان يتقي ضربة فورمان ولا يثبت أمام أكثر من جولتين أو ثلاث، ولكن محمد علي اعتمد على قوته الذهنية وابتكر أسلوبًا جديدًا وهو الارتماء على الحبال التي تحيط ملعب الملاكمة لتمتص الصدمة الناتجة عن ضربات فورمان الموجعة.
واستمر الحال على ذلك لمدة 12 جولة، وفي النهاية خارت قوة فورمان الذي لم يتعود على الصمود لجولات كثيرة، بينما استطاع محمد علي كلاي أن ينقض على منافسه بضربات متتالية قوية انتهت بضربة قاضية أجهزت على فورمان) [أيقظ قدراتك واصنع المستقبل، د.إبراهيم الفقي، ص(41-42) بتصرف].
ولكن كيف استطاع محمد علي أن يهزم فورمان مع فارق القوة والإمكانيات التي كانت في صالح فورمان؟
إن السر في تلك الثقة الكبيرة بالنفس، التي تميز بها هذا الرجل،ولكن من أين أتت تلك الثقة؟ لقد تولدت لمحمد علي كلاي من تركيزه على نقاط قوته، وهي الصبر والاحتمال لقوة اللكمات، والاعتماد على القوة الذهنية وابتكاره لأسلوب الارتماء على الحبال الذي لم يكن معروفًا من قبل، ثم اختياره للوقت المناسب لينقض على منافسه.
الركن الثاني: التعامل مع نقاط الضعف:
إذا كان لديك ليمون حامض، لم لا تمزجه بالماء والسكر، وعن طريق الخلاط يمكنك أن تصنع منه شراب الليمونادة اللذيذ، إذا كان لديك نقاط ضعف لم لا تسأل نفسك: كيف تحوِّلها إلى نقاط قوة، وأنت قادر على ذلك بعون الله؟ إذا استعنت بالله تعالى، وفكرت قليلًا في ذلك، فإذا نجحت في ذلك ـ كما هو الظن فيك إن شاء الله ـ فقد استكملت بذلك ركني الانطلاقة الحقيقية نحو الثقة بالنفس.

الى هنا   و نكمل في المرة القادمة ...    مع السلامة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق